غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ} (23)

12

ومعنى { جنات عدن } تقدم في سورة براءة { ومن صلح } معطوف على فاعل { يدخلونها } ويجوز أن يكون مفعولاً معه . قال ابن عباس : يريد من صدق بما صدقوا به وإن لم يعمل مثل أعمالهم . وقال الزجاج : بين أن الأنساب لا تنفع إذا لم يحصل معها أعمال صالحة . قال الواحدي : والأول أصح لأن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بحضور أهله معه في الجنة فلو دخلوها بأعمالهم الصالحة لم يكن في ذلك كرامة للمطيع ، ويمكن أن يوجه قول الزجاج بأن المقصود بشارة المؤمن بأن أهل الصلاح من أصوله وفصوله وأزواجه يجتمعون به في دار الثواب ، فقد يمكن أن يكونوا جميعاً في الجنة ولا يجتمعون في موضع . ولقائل أن يقول : الدخول أعم من الاجتماع ولا دلالة للعام على الخاص فصح اعتراض الواحدي . والآباء جميع أبوي كل واحد منهم فكأنه قيل : من آبائهم وأمهاتهم . وليس في الآية ما يدل على التمييز بين زوجه وزوجة ولعل من مات عنها أو ماتت عنه ويؤيده ما روي عن سودة أنه لما هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلاقها قالت : دعني يا رسول الله أحشر في زمرة نسائك . قال ابن عباس : لهم خيمة من درة مجوّفة فرسخ وعرضها فرسخ لها أبواب مصاريعها من ذهب يدخل عليهم الملائكة من كل باب يقولون لهم عليكم بما صبرتم على أمر الله . وقال أبو بكر الأصم : من كل باب من أبوب البر ، كباب الصلاة وباب الزكاة وباب الصبر ويقولون : نعم ما أعقبكم الله بعد الدار الأولى . وهذا يناسب قول حكماء الإسلام إن لكل مرتبة من مراتب الكمالات جوهراً قدسياً وروحاً علوياً يختص بتلك الصفة ، فبعد المفارقة يفيض على النفس الكاملة من ملك الصبر كمال مخصوص ، ومن ملك الشكر كذلك وعلى هذا القياس . وقد يستدل بالآية على أن الملك أفضل من البشر وإلا فلم يكن دخولهم على المؤمنين موجباً لتحيتهم وإكرامهم . ويمكن أن يجاب بأن وجه التكريم هو مجيئهم بإذن الله ومن عنده لا مجرد المجيء :

/خ29