فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ} (23)

{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ( 23 ) } .

{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } أي لهم جنات عدن ، والعدن أصله الإقامة ثم صار علما لجنة من الجنان واسم المكان معدن مثال مجلس لأن أهله يقيمون عليه الصيف والشتاء أو لأن الجوهر الذي خلقه الله فيه عدن به ، قال القشيري : وجنات عدن وسط الجنة وقصبتها وسقفها عرش الرحمن ولكن في صحيح البخاري وغيره إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة{[999]} .

وعن ابن مسعود قال لكعب : جنات عدن بطنان الجنة أي وسطها ، وعن الحسن أن عمر قال لكعب : ما عدن قال هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل .

وأخرج ابن مردويه عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : جنة عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن فكان{[1000]} .

{ وَمَنْ صَلَحَ } أي من آمن في الدنيا ، قاله مجاهد { مِنْ آبَائِهِمْ } أي أصولهم وهي تشمل الآباء والأمهات ومن لبيان الجنس { وَأَزْوَاجِهِمْ } اللاتي متن في عصمتهم { وَذُرِّيَّاتِهِمْ } أي ويدخلها هؤلاء الفرق الثلاث وإن لم تعمل بأعمالهم تكرمة لهم قاله ابن عباس ورجحه الواحدي .

قال الرازي : وليس فيه ما يدل على التمييز بين زوجة وزوجة ولعل الأولى من مات عنها أو ماتت عنه ، وذكر الصلاح دليل على أنه لا يدخل الجنة إلا من كان كذلك من قرابات أولئك ، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء أو الأزواج أو الذرية بدون صلاح .

{ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم } في قدر كل يوم وليلة ثلاث مرات للتهنئة ، وقيل بل هو في أول دخولهم . قاله السيوطي في الجمل والتقييد بهذا لم نره لغيره من المفسرين . بل في كلام غيره ما يدل على عدمه { مِّن كُلِّ بَابٍ } أي من جميع أبواب القصور والمنازل التي يسكنونها أو من كل باب من أبواب الجنة أو من كل باب من أبواب التحف والهدايا من الله سبحانه


[999]:البخاري، كتاب التوحيد 22 – كتاب الجهاد 4.
[1000]:الترمذي، كتاب الجنة، الباب 4.