غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ} (28)

12

{ الذين آمنوا } بدل ممن أناب { وتطمئن قلوبهم } عن ابن عباس : يريد إذا سمعوا القرآن خشعت قلوبهم واطمأنت . والاطمئنان بآيات الوعد لا ينافي الوجل من آيات الوعيد حيث قال { إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } [ الأنفال : 2 ] أو المراد أن علمهم بكون القرآن معجزاً يوجب حصول الطمأنينة لهم بأنه سبحانه واحد لا شريك له صادق في وعده ووعيده وبأن محمداً نبي حق { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } التحقيق فيه أن الإنسان متوسط الرتبة بين عالم الأرواح وعالم الأجساد ، فإذا توجه إلى عالم الجسد اشتاق إلى التصرف فيه فيظهر له هناك أمور ضرورية في التعيش أدونها ليس بأهون من خرط القتاد فيتوزع فكره وتضطرب أحواله ، أما إذا توجه إلى عالم الروح فإنه يزول الاضطراب ويتوحد المطلب ويحصل الاستغراق في بحر العرفان والاستنارة بنور الإيقان ، ومن وقع في لجة البحر لا يبالي أين وقع :

*** أنا الغريق فما خوفي من البلل ***

وقيل : إن الإكسير إذا وقعت منه ذرة على النحاس انقلب ذهباً صافياً باقياً على كر الدهور ، فإكسير جلال الله إذا وقع في القلب السليم كيف لا يقلبه جوهراً صافياً نورانياً آمناً من التغير والزوال .

/خ29