الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ} (23)

أما قوله تعالى : { جنات عدن } .

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة قصرا يقال له عدن ، حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب ، عند كل باب خمسة آلاف حيرة ، لا يدخله أو لا يسكنه إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عادل " .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : قرأ عمر - رضي الله عنه - على المنبر { جنات عدن } فقال : يا أيها الناس ، هل تدرون ما جنات عدن ؟ قصر في الجنة له عشرة آلاف باب ، على كل باب خمسة وعشرون ألفا من الحور العين ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في قوله { جنات عدن } قال : بطنان الجنة ، يعني وسطها .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر ، عن الحسن - رضي الله عنه - قال : { جنات عدن } وما يدريك ما جنات عدن ؟ . . قال : قصر من ذهب ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { جنات عدن } قال : مدينة وسط الجنة ، فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى ، والناس حولهم بعد ، والجنات حولها .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن - رضي الله عنه - أن عمر قال لكعب : ما عدن ؟ قال : هو قصر في الجنة ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل .

وأخرج ابن مردويه ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جنة عدن قضيب غرسه الله بيده ، ثم قال له : كن فكان " .

أما قوله تعالى : { يدخلونها ومن صلح من آبائهم } الآية .

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال : يدخل الرجل الجنة فيقول : أين أمي ، أين ولدي ، أين زوجتي ؟ ؟ . . . فيقال : لم يعملوا مثل عملك . فيقول : كنت أعمل لي ولهم ، ثم قرأ { جنات عدن يدخلونها ومن صلح } يعني من آمن بالتوحيد بعد هؤلاء { من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } يدخلون معهم { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } قال : يدخلون عليهم على مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات ، معهم التحف من الله ما ليس لهم في جنات عدن ، يقولون لهم : { سلام عليكم بما صبرتم } يعني على أمر الله تعالى { فنعم عقبى الدار } يعني دار الجنة .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه - { ومن صلح من آبائهم } قال : من آمن في الدنيا .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي مجلز - رضي الله عنه - في الآية قال : علم الله تعالى أن المؤمن يحب أن يجمع الله تعالى له أهله وشمله في الدنيا ، فأحب أن يجمعهم له في الآخرة .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قرأ { جنات عدن يدخلونها ومن صلح . . . } حتى ختم الآية قال : إنه لفي خيمة من درة مجوفة ، ليس فيها صدع ولا وصل ، طولها في الهواء ستون ميلا ، في كل زاوية منها أهل ومال . لها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، يقوم على كل باب منها سبعون ألفا من الملائكة ، مع كل ملك هدية من الرحمن ليس مع صاحبه مثلها ، لا يصلون إليه إلا بإذن بينه وبينهم حجاب .

وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أخس أهل الجنة منزلا يوم القيامة له قصر من درة جوفاء ، فيها سبعة آلاف غرفة ، لكل غرفة سبعون ألف باب ، يدخل عليه من كل باب سبعون ألفا من الملائكة بالتحية والسلام .