إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ} (23)

{ جنات عَدْنٍ } بدلٌ من عُقبى الدار أو مبتدأٌ خبرُه { يَدْخُلُونَهَا } والعدْنُ الإقامةُ ثم صار علماً لجنة من الجنات أي جناتٌ يقيمون فيها ، وقيل : هو بُطنانُ الجنة { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ } جمعُ أبَوَيْ كل واحد منهم فكأنه قيل : من آبائهم وأمهاتهم { وأزواجهم وذرياتهم } وهو عطفٌ على المرفوع في يدخلون ، وإنما ساغ ذلك للفصل بالضمير الآخر ، أو مفعولٌ معه ، والمعنى إنه يُلحق بهم مَنْ صلح من أهلهم وإن لم يبلُغْ مبلغَ فضلِهم تبعاً لهم تعظيماً لشأنهم ، وهو دليلٌ على أنه الدرجةَ تعلو بالشفاعة وأن الموصوفَ بتلك الصفات يُقرن بعضُهم ببعض لما بينهم من القرابة والوصلة في دخول الجنةِ زيادةً في أُنسهم ، وفي التقييد بالصلاح قطعٌ للأطماع الفارغة لمن يتمسك بمجرد حبل الأنساب { والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ من كُلّ بَابٍ } من أبواب المنازل أو من أبواب الفتوحِ والتحف قائلين : { سلام عَلَيْكُم } .