ثم برهن على إمكان البعث بقوله : { إنما قولنا } وهو مبتدأ خبره { أن نقول } وقد فسرنا مثل هذه الآية في سورة البقرة ، وذكرنا فيه مباحث عميقة لفظية ومعنوية فلا حاجة إلى الإعادة . والغرض أنه سبحانه لا مانع له من الإيجاد والإعدام ولا تتوقف آثار قدرته إلا على مجرد الإرادة والمشيئة ، فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو أهون من الإبداء ؟ ! قال في الكشاف : قرىء { فيكون } بالنصب عطفاً على { نقول } قلت : ولا مانع من كونه منصوباً بإضمار " أن " لوقوعه في جواب الأمر بعد الفاء وقد مر في " البقرة " . احتج بعض الأشاعرة بالآية على قدم القرآن قال : إنه لو كان حادثاً لافتقر إلى أن يقال له " كن " . ثم الكلام في هذا اللفظ كالكلام في الأوّل وتسلسل ، والجواب بعد تسليم أن هذا ليس مثلاً وأن ثم قولاً أن " إذا " لا تفيد التكرار فلا يلزم في كل ما يحدثه الله تعالى إلى أن يقول له " كن " . وكيف يتصور أن تكون لفظة " كن " قديمة والكاف مقدم على النون بزمان محصور ، ولو سلم فلا يجوز من قدم لفظة " كن " قدم القرآن . على أن قوله : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه } يقتضي كون القول واقعاً بالإرادة وما كان كذلك فهو محدث وأنه علق القول بكلمة " إذا " ولا شك أنها للاستقبال وكذا قوله : { أن نقول } ثم إن كلمة { كن } متقدمة على المكون بزمان واحد ، والمتقدم على المحدث بزمان يكون محدثاً ، فتلخص من هذه الدلائل أن الكلام المسموع لا بد أن يكون محدثاً . هذا تلخيص ما قاله الإمام فخر الدين الرازي ، ولعل لنا فيه نظراً . ولما حكى الله سبحانه عن الكفار ما حكى من إنكار البعث والجزاء لم يبعد منهم - والحالة هذه - إيذاء المسلمين وإنزال الضرر والهوان بهم وحينئذٍ يلزمهم أن يهاجروا تلك الديار فذكر ثواب المهاجرين قائلاً { والذين هاجروا في الله } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.