السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَيۡءٍ إِذَآ أَرَدۡنَٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (40)

ثم بين سبحانه وتعالى تيسر الإعادة بقوله تعالى : { إنما قولنا } أي : بما لنا من العظمة والقدرة { لشيء } إبداء وإعادة { إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } أي : يتسبب عن ذلك القول أنه يكون .

تنبيه : قوله تعالى : { قولنا } مبتدأ و{ أن نقول } خبره . فيكون وكن من كان التامة التي بمعنى الحدوث والوجود ، أي : إذا أردنا حدوث شيء فليس إلا أن نقول له : أحدث فيحدث عقب ذلك من غير توقف . فإن قيل : قوله تعالى : { كن } إن كان خطاباً مع المعدوم فهو محال وإن كان خطاباً مع الموجود فكان أمراً بتحصيل الحاصل وهو محال ؟ أجيب : بأنّ هذا تمثيل لنفي الكلام والغايات وخطاب مع الخلق بما يعقلون ليس هو خطاب المعدوم لأنّ ما أراد فهو كائن على كل حال وعلى ما أراده من الإسراع ولو أراد تعالى خلق الدنيا والآخرة بما فيها من السماوات والأرض في قدر لمح البصر لقدر على ذلك ، ولكن خاطب تعالى العباد بما يعقلون ، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقول الله تبارك وتعالى : يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ، ويكذبني وما ينبغي له . أمّا شتمه إياي فيقول : إنّ لي ولداً . وأمّا تكذيبه فيقول : ليس يعيدني كما بدأني » . حديث وفي رواية : «كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأمّا تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني ، وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته . وأمّا شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً . وأنا الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٍ » . وقرأ ابن عامر والكسائي بفتح النون من يكون عطفاً على يقول أو جواباً للأمر والباقون بالرفع .