فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَيۡءٍ إِذَآ أَرَدۡنَٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (40)

{ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ( 40 ) }

{ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } جملة مستأنفة لبيان كيفية الإبداء والإعادة مسوقة لهذا المقصد بعد بيان سهولة البعث عليه سبحانه ، قال الزجاج : أعلمهم بسهولة خلق الأشياء عليه فأخبر أنه متى أراد الشيء كان وهذا كقوله : { فإذا قضى أمرا يقول له كن فيكون } قال ابن الأنباري : أوقع لفظ الشيء على المعلوم عند الله تعالى قبل الخلق لأنه بمنزلة ما قد وجد وشوهد ، قال الزجاج : إن معنى لشيء لأجل شيء فجعل اللام سببية وليس بواضح .

وقيل هي لام التبليغ ، قاله أبو السعود أي أي شيء كان مما عز وهان كما في قولك قلت له قم فقام ، وهذا الكلام من باب التمثيل على معنى أنه لا يمتنع عليه شيء وأن وجوده عند إرادته كوجود المأمور به عند أمر الأمير المطاع إذا ورد على المأمور المطيع ، وليس هناك قول ولا مقول له ، ولا أمر ولا مأمور ، ولا كاف ولا نون حتى يقال إنه يلزم منه أحد محالين إما خطاب المعدوم أو تحصيل الحاصل .

قلت : هكذا قال أكثر المفسرين وهو يخالف ظاهر النظم القرآني والحق ما دلت عليه الآية من القول وهو على حقيقته وإنه جرت العادة الإلهية وقد مضى تفسير ذلك في سورة البقرة مستوفى ، وفي الآية الكريمة من الفخامة والجزالة ما يحار فيه العقول والألباب .