الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَيۡءٍ إِذَآ أَرَدۡنَٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (40)

ثم قال تعالى : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } [ 40 ] .

معناه : إنما قولنا لشيء مراد ، قلنا له كن فيكون . وهذا إنما هو مخاطبة للعباد بما يعقلون ، وإلا فما أراده تعالى فهو كائن على كل حال ، على ما راده من الإسراع . لو أراد ، تعالى ذكره خلق الدنيا والسماوات والأرض وما بين ذلك في قدر لمح البصر ، لقدر على ذلك . ولكن خوطب العباد بما يعقلون فأعلمهم بسهولة خلق الأشياء عليه وأنه متى أراد الشيء كان . وإذا قال [ له{[38951]} ] كن [ ف{[38952]} ]كان ، أي : فيكون على حسب الإرادة وليس هذا الشيء المذكور موجودا قبل أن يقول له كن . وإنما المعنى : إذا أردنا الشيء قلنا من أجله كن أيها الشيء فيكون على قدر/الإرادة لأن المشركين أنكروا البعث فأخبرهم الله بقدرته على حدوث الأشياء . وهذا يدل على أن المعدوم يسمى شيئا ، لأنه قد سماه شيئا قبل حدوثه{[38953]} . ومثله { لم يكن شيئا مذكورا }{[38954]} فأما قوله : { وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا }{[38955]} فمعنا [ ه{[38956]} ] لم تك شيئا مذكورا ولا موجودا .

ومن إنكارهم البعث قوله : { وكانوا يصرون على الحنث{[38957]} العظيم }{[38958]} أي : كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون . وتحقيق الآية أنه أعلمهم أنه إذا أراد أن يبعث من مات فلا تعب عليه في ذلك لأنه إنما يقول له كن : فيكون ما يريد بلا معاناة{[38959]} ولا كلفة .

ومن رفع " فيكون " {[38960]} . فعلى القطع ، أي : فهو يكون{[38961]} . نصبه{[38962]} . عطفه على " أن نقول{[38963]} " أي : أن يقول فيكون{[38964]} . ولا يجوز النصب على [ ال{[38965]} ] جواب ل " كن{[38966]} " لأنه خبر وليس بأمر{[38967]} .

تم الجزء التاسع والعشرون{[38968]}


[38951]:ساقط من ط.
[38952]:انظر: المصدر السابق.
[38953]:خالفه الرازي: وقال بأن الآية ليست خطابا للمعدوم، انظر: التفسير الكبير 20/32.
[38954]:الإنسان:1.
[38955]:مريم: 8.
[38956]:ساقط من ق.
[38957]:ق: الحبث.
[38958]:الواقعة : 49.
[38959]:ق: "معانات" وط: "معانة".
[38960]:وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وحمزة وعاصم، انظر: معاني الفراء 2/100، ومعاني الزجاج 3/198، والسبعة 373، والحجة 389 والتيسير 137، والتفسير الكبير 20/32 والنشر 2/220، والتحبير 134.
[38961]:إن الرفع إنما هو على القطع انظر: معاني الفراء 2/100 والقطع والإئتناف 429، وإعراب النحاس 2/396 وفيه أنه تقدير سيبويه، والحجة 389، والمكتفي 172.
[38962]:وهي قراءة ابن عامر والكسائي وابن محيصن، انظر: معاني الفراء 2/100 والقطع والإئتناف 429 ومعاني الزجاج 3/198، والسبعة 373 والحجة 389 والتيسير 137، والتفسير الكبير 20/32 والجامع 10/70، والنشر 2/220 والتحبير 134 وإعراب النحاس 2/396.
[38963]:ق: وط: يقول.
[38964]:في أن النصب على العطف، انظر معاني الفراء 2/100 ومعاني الزجاج 3/198 والقطع والإئتناف 429، والمشكل 2/14، والحجة 390 والمكتفي 172، والتفسير الكبير 20/32.
[38965]:ساقط من ق وط.
[38966]:ق: "يكون" وط "للكن".
[38967]:ط: "وليس بأمره" بزيادة الهاء. وهذا الإعراب أجازه الزجاج، انظر: معاني الزجاج 3/198، وذكره أبو زرعة في الحجة 390، والقرطبي في الجامع 10/70، وفي المشكل 2/14: "أنه يجوز على بعد".
[38968]:ط : والعشرين.