فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَيۡءٍ إِذَآ أَرَدۡنَٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (40)

وجملة { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } مستأنفة لبيان كيفية الإبداء والإعادة بعد بيان سهولة البعث عليه سبحانه . قال الزجاج : أعلمهم بسهولة خلق الأشياء عليه فأخبر أنه متى أراد الشيء كان ، وهذا كقوله : { وَإِذَا قضى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ البقرة : 117 ] . وقرأ ابن عامر ، والكسائي { فيكون } بالنصب عطفاً على { أن نقول } . قال الزجاج : يجوز أن يكون نصباً على جواب { كن } . وقرأ الباقون بالرفع على معنى : فهو يكون . قال ابن الأنباري : أوقع لفظ الشيء على المعلوم عند الله تعالى قبل الخلق ، لأنه بمنزلة ما قد وجد وشوهد . وقال الزجاج : إن معنى «لشيء » لأجل شيء فجعل اللام سببية . وقيل : هي لام التبليغ ، كما في قولك : قلت له قم فقام ، و{ إِنَّمَا قَوْلُنَا } مبتدأ و{ أَنْ نَّقُولَ لَهُ كُنْ } خبره ، وهذا الكلام من باب التمثيل على معنى : أنه لا يمتنع عليه شيء ، وأن وجوده عند إرادته كوجود المأمورية عند أمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع ، وليس هناك قول ولا مقول له ، ولا أمر ، ولا مأمور حتى يقال : إنه يلزم منه أحد محالين ، إما خطاب المعدوم ، أو تحصيل لحاصل . وقد مضى تفسير ذلك في سورة البقرة مستوفى .

/خ40