غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (37)

ثم خصص الخطاب قائلاً لرسوله { إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل } لا يرشد أحداً أضله ، قال ابن عباس : وقال الفراء : لا يهدي معناه لا يهتدي : ومن قرأ على البناء للمفعول فمعناه لا تقدر أنت ولا أحد على هداية من أضله الله فلن يكون مهدياً منصوراً ، ولا يخفى أن أول الآية ظاهره يوافق مذهب المعتزلة . أما قوله : { كذلك فعل الذين من قبلهم } إلى آخر الآيات فإنهم قد صاروا فيه إلى التأويل فقالوا : معناه أن متقدميهم أشركوا وحرموا حلال الله فلما نبهوا على قبح فعلهم أسندوه إلى الله { فهل على الرسل إلا } أن يبلغوا الحق وأن الله بريء من الظلم وخلق القبائح والمنكرات ، وما من أمة إلا وقد بعث الله فيهم رسولاً يأمرهم بالخير الذي هو عبادة الله وينهاهم عن الشر الذي هو طاعة الطاغوت . { فمنهم من هدى الله } لأنه من أهل اللطف ، ومنهم من ثبت عليه الخذلان لأنه عرفه مصمماً على الكفر ، أو المراد منهم من حكم الله عليه بالاهتداء ومنهم من صار محكوماً عليه بالضلال لظهور ضلاله ، أو منهم من هداه الله إلى الجنة ومنهم من أضله عنها . { فسيروا في الأرض فانظروا } ما فعلت بالمكذبين حتى لا يبقى لكم شبهة في أني لا أقدر الشر ولا أشاؤه . ثم ذكر عناد قريش وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إيمانهم وعرفه أنهم من قسم من حقت عليه الضلالة ، وأنه لا يلطف بمن يخذل لأنه عبث والله تعالى متعال عن العبث . فهذا تفسير الفريقين لاشتمال آيات مسألة الجبر والقدر على الجهتين وعليك الاختيار بعقلك دون هواك .

/خ24