غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةٗ فَظَلَمُواْ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفٗا} (59)

41

ثم ذكر نوعاً آخر من سننه فقال : { وما منعنا } استعار المنع للترك من أجل لزوم خلاف الحكمة والمشيئة . عن سعيد بن جبير أن كفار قريش اقترحوا منه آيات باهرة كإحياء الموتى ونحوه . وعن ابن عباس أنهم سألوا الرسول أن يجعل لهم الصفا ذهباً وأن يزيل عنهم الجبال حتى يزرعوا تلك الأراضي ، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى ذلك فقال : إن شئت فعلت لكنهم إن كفروا بعد ذلك أهلكتهم . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : لا أريد ذلك وأنزل الله الآية . والمعنى وما صرفنا عن إرسال ما يقترحونه من الآيات { إلا أن كذب بها } الذين هم أمثالهم من المطبوع على قلوبهم كعاد وثمود ، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك واستوجبوا عذاب الاستئصال على ما أجرى الله تعالى به عادته . والحاصل أن المانع من إرسال الآيات التي اقترحوها هو أن الاقتراح مع التكذيب موجب للهلاك الكلي ، وقد عزمنا أن نؤخر أمر من بعث إليهم إلى يوم القيامة ، ويحتمل أن يراد أنهم مقلدون لآبائهم فلا يؤمنون ألبتة كما لم يؤمنوا فيكون إرسال الآيات ضائعاً . ثم استشهد على ما ذكر بقصة صالح وناقته لأن آثار هلاكهم في بلاد العرب قريبة يبصرها صادرهم وواردهم وهذا معنى قوله { مبصرة } أو المراد حال كون الناقة آية بينة يبصر المتأمل بها رشده { فظلموا } أنفسهم بقتلها أو فكفروا { بها } بمعنى أنهم جحدوا كونها من الله قاله ابن قتيبة { وما نرسل بالآيات } المقترحة { إلا تخويفاً } من نزول العذاب العاجل بمعنى أن من أنكرها وقع عليه ، أو المراد وما نرسل بآيات القرآن وغيرها من المعجزات إلا إنذاراً بعذاب الآخرة على المعنى المذكور .

/خ60