غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ} (175)

172

{ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } بيان لتماديهم في الخسارة فإن أحسن الأشياء في الدنيا الاهتداء والعلم ، وأقبحها الضلال والجهل . وفي الآخرة أنفع الأشياء المغفرة ، وأضرها العذاب فهم في خسران الدارين لاستبدالهم في الدنيا أقبح الأمور بأحسنها ، وفي الآخرة أضر الأشياء بأنفعها . { فما أصبرهم على النار } تعجب من حالهم في تلبسهم بمواجب النار من غير مبالاة منهم ، فإن الراضي بموجب الشيء لابد أن يكون راضياً بمعلوله ولازمه إذا علم ذلك اللزوم كما تقول لمن يتعرض لما يوجب غضب السلطان " ما أصبرك على القيد والسجن " وهذا التعجب منهم في حال التكليف واشترائهم الضلالة بالهدى . وعن الأصم : أن المراد أنه إذا قيل لهم { اخسؤا فيها ولا تكلمون } [ المؤمنون : 108 ] فهم يسكتون ويصبرون على النار لليأس من الخلاص . وضعف بأنه خلاف الظاهر وبأن أهل النار قد يقع منهم الجزع والاستغاثة . وقيل : إن " ما " في { ما أصبرهم } للاستفهام لمعنى التوبيخ معناه أي شيء صبرهم عليها حتى تركوا الحق واتبعوا الباطل ؟ وهذا أصل معنى فعل التعجب والتعجب استعظام الشيء مع خفاء سبب حصول عظم ذلك الشيء هذا هو الأصل ، ثم قد يستعمل لفظ التعجب عند مجرد الاستعظام من غير خفاء السبب كما في حق الله تعالى .

/خ176