غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالُواْ لَن نُّؤۡثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَاۖ فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَآ} (72)

{ لن نؤثرك } لن نختارك { على ما جاءنا من البينات } المعجزات الظاهرات { و } على { الذي فطرنا } أو الواو للقسم وعلى هذا يجوز أن يكون على ما جاءنا بمعنى فيما جاءنا أي لن نميل إليك والحالة هذه . وعلى الوجه الأول ففحوى الكلام لن نترك طاعة خالقنا والتصديق بمعجزات نبيه لأجل هواك { فاقض ما أنت قاضٍ } بما شئت من العذاب { إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } أي في مدة الحياة العاجلة ، وقرىء { تقضي } مبنياً للمفعول هذه الحياة بالرفع إجراء للظرف مجرى المفعول به اتساعاً مثل صيم يوم الجمعة . والحاصل أن قضاءك وحكمك منحصر في مدة حياتنا الفانية . والإيمان وثمرته باقٍ لا يزول ، والعقل يقتضي تحمل الضرر الفاني للفوز بالسعادة الباقية وللخلاص من العقاب الأبدي وذلك قولهم { إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا } قال الحسن : سبحان الله قوم كفار ثبت في قلوبهم الإيمان طرفة عين فلم يتعاظم عندهم أن قالوا في ذات الله تعالى { فاقض ما أنت قاضٍ } والله إن أحدهم ليصحب القرآن ستين عاماً ثم ليبيع دينه بثمن غبن .

/خ37