غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ وَلَتَعۡلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابٗا وَأَبۡقَىٰ} (71)

37

ثم إن فرعون لعب لعب الحجل وأنكر عليهم إيمانهم وألفى شبهته في البين أنه كبيرهم أي أسحرهم وأعلاهم درجة في الصناعة ، أو معلمهم وأستاذهم من قول أهل مكة للمعلم " أمرني كبيري " أي أستاذي في العلم أو غير ، وأوعدهم بقطع الأيدي والأرجل { من خلاف } قال في الكشاف : " من " لابتداء الغاية لأن القطع مبتدأ وناشيء من مخالفة العضو والعضو لا من وفاقه إياه . قالت : الأولى أن يقال الخلاف ههنا بمعنى الجهة المخالفة حتى يصح معنى الابتداء أي لأقطعن أيديكم وأرجلكم مبتدأ من الجهتين المتخالفتين يميناً وشمالاً ، فيكون الجار والمجرور في موضع الحال أي لأقطعنها مختلفات الجهات . قيل { في جذوع النخل } أي عليها والأصوب أن يقال : هي على أصلها شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن المظروف في الظرف { أينا أشد } أراد نفسه وموسى وفيه صلف باقتداره وقهره وما ألفه من تعذيب الناس واستخفاف بموسى مع الهزء به ، لأن موسى لم يكن قط من التعذيب في شيء قاله في الكشاف . قلت : يحتمل أن يريد بقوله { أينا } الله تعالى ونفسه لنقدم ذكر رب هارون وموسى ، وقد سبق عذاب الله في قوله { أن العذاب على من كذب وتولى } وفي قوله { فيسحتكم بعذاب } ويؤيده قول السحرة في جوابه { والله خير وأبقى } .

/خ37