غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (11)

1

ثم أخبر عن شقاق أهل النفاق بقوله { ومن الناس من يعبد الله على حرف } أي على طرف من الدين لا في وسطه فهذا مثل لكونه مضطرباً في أمر الدين غير ثابت القدم كالذي يكون على طرف العسكر ينهزم بأدنى سبب ، وباقي الآية تفصيل لهذا الإجمال . قال الكلبي : نزلت في أعاريب قدموا المدنية فكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهراً سرياً وولدت امرأته غلاماً وكثر ماله وماشيته قال : ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا خيراً واطمأن به وقر . وإن كان الأمر بخلافه قال : ما أصبت إلا شراً وانقلب عن دينه الذي أظهره بلسانه وفر . وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وقتادة . وقيل : نزلت في المؤلفة قلوبهم منهم الأقرع بن حابس والعباس بن مرداس . وعن أبي سعيد الخدري أن رجلاً من اليهود اسلم فأصابته مصائب كذهاب البصر والمال والولد فتشاءم بالإسلام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقلني . فقال : إن الإسلام يسبك كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة والإسلام لا يقال ونزلت الآية . والفتنة هاهنا مخصوصة بالابتداء بالشرور والآلام لوقوعها في مقابلة الخير وهذا على الاستعمال الغالب وإلا فالخير أيضا قد يكون سبباً للابتلاء كقوله ونبلوكم بالشر والخير فتنة } [ الأنبياء : 35 ] ثم حكى حاله في الدارين بقوله { خسر الدنيا والآخرة } أما خسران الدنيا بعد أن أصابه ما أصاب ففقدان العزة والكرامة والغنيمة وأهلية الشهادة والإمامة والقضاء ، وكون عرضه وماله ودمه مصونة ، وأما الآخرة فحرمان الثواب وحصول العقاب ابد الآباد ، ولا خسران أبين من هذا نعوذ بالله منه .

/خ22