غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَدۡعُواْ لَمَن ضَرُّهُۥٓ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِيرُ} (13)

1

قوله { يدعو لمن ضره } الآية . فيه بحث لفظي وبحث معنوي . أما الأول فهو أن { يدعو } بمعنى " يقول " والجملة بعده محكية ، و " من " موصولة أو موصوفة وعلى التقديرين هو مع تمامه مبتدأ ما بعده وهو { لبئس المولى } خبره واللام الثانية في الخبر لتأكيد اللام الأولى ، وهذا حسن بخلاف قوله " أم الحليس لعجوز " فإنه أدخل لام الابتداء في الخبر على سبيل الاستقلال ويجوز أن يكون { يدعو } تكراراً للأول وما بعده جملة مستأنفة على الوجه المذكور . وفي حرف عبد الله { من ضره } بغير لام ووجهه ظاهر ، وعلى هذا يكون قوله { لبئس المولى } جملة مستقلة . والمولى الناصر ، والعشير المعاشر أي الصاحب . وأما البحث المعنوي فهو أنه نفى الضرر والنفع عن الأصنام أولاً ثم أثبتهما لها ثانياً حين قال { ضره أقرب من نفعه } فما وجه ذلك ؟ والجواب أن المقصود في الآية الثانية رؤساؤهم الذين كانوا يفزعون إليهم في الشدائد مستصوبين آراءهم ، لأن وصف المولى والعشير لا يليق إلا بالرؤساء . سلمنا أنه أراد في الموضعين الصنام إلا أنه أثبت الضر لها مجازاً لأنها سبب الضلال الذي هو سبب عذاب النار نظيره { رب أنهن اضللن كثيراً من الناس } [ إبراهيم : 36 ] وأثبت لها النفع بناء على معتقدهم أنها شفعاؤهم عند الله . والمراد يقول : هذا الكافر بدعاء وصراخ حين يرى استضراره بالأصنام ولا يرى أثر الشفاعة { لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير } ذلك ، أو أراد يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ، ثم قال : لمن ضره بكونه معبوداً أقرب من نفعه بكونه شفيعاً لبئس المولى .

/خ22