غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (70)

ويحتمل أن يكون عاماً يشمل السرائر والظواهر كلها وهو المستأثر بالإلهية . و { لا إله إلا هو } تقرير لما قبله { له الحمد في } الدار { الأولى } على نعمه الفائضة على البر والفاجر { و } في الدار { الآخرة } كقولهم { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } [ فاطر : 34 ] { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] والتحميد هناك على وجه اللذة لا التكليف . قال أهل السنة : الثواب يستحق عند المعتزلة فلا يستحق الحمد بفعله من أهل الجنة ، وأما أهل النار فلم ينعم عليهم حتى يستحق الحمد منهم . والجواب ما ذكرناه أن تحميدهم يجري مجرى التنفس . قال القاضي : إنه يستحق الحمد من أهل النار أيضاً بما فعل بهم في الدنيا من التمكين والتيسير والألطاف وسائر النعم ، وأنهم بإساءتهم لا يخرج ما أنعم الله به عليه من أن يوجب الشكر . وقال في التفسير الكبير : فيه نظر ، لأن أهل الآخرة مضطرون إلى معرفة الحق فإذا علموا أن التوبة واجبة القبول وأن الشكر مما يوجب الثواب فلا بد أن يتوبوا ويشتغلوا بالشكر ليستحقوا الثواب ويتخلصوا من العقاب . ولقائل أن يقول : لا يلزم من وجوب قبول التوبة واستحقاق الجزاء على العمل في دار التكاليف أن يكون الأمر كذلك في غير دار التكاليف . ثم بين بقوله { وله الحكم } أن القضاء بين العباد مختص به فلولا حكمه لما نفذ على العبد حكم سيده ، ولا على الزوجة حكم زوجها ، ولا على الابن حكم أبيه ، ولا على الرعية حكم سلطانهم ، ولا على الأمة حكم رسولهم وإلى محل حكمه وقضائه يرجع كل عبيده وإمائه .

/خ70