السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (70)

ولما كان علمه تعالى بذلك إنما هو لكونه إلهاً واحداً فرداً صمداً وكان غيره لا يعلم من علمه إلا ما علمه قال تعالى : { وهو الله } أي : المستأثر بالإلهية الذي لا سميّ له الذي لا يحيط الواصفون بكنه عظمته ، ثم شرح معنى الاسم الأعظم بقوله تعالى : { لا إله إلا هو } وهذا تنبيه على كونه قادراً على كل الممكنات عالماً بكل المعلومات منزهاً عن النقائص والآفات ، ثم علل ذلك بقوله تعالى : { له } أي : وحده { الحمد } أي : الإحاطة بأوصاف الكمال { في الأولى والآخرة } لأنه المولي للنعم كلها عاجلها وآجلها يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا ، فإن قيل : الحمد في الدنيا ظاهر فما الحمد في الآخرة ؟ أجيب : بأنهم يحمدونه بقولهم { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } ( فاطر : 34 ) { الحمد لله الذي صدقنا وعده } ( الزمر : 74 ) { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } ( يونس : 10 ) والتوحيد هناك على وجه اللذة لا الكلفة ، وفي الحديث «يلهمون التسبيح والتقديس » { وله الحكم } أي : القضاء النافذ في كل شيء وقال ابن عباس : حكم لأهل الطاعة بالمغفرة ولأهل المعصية بالشقاء { وإليه } لا إلى غيره { ترجعون } أي : بأيسر أمر يوم النفخ في الصور لبعثرة ما في القبور ، بالبعث والنشور مع أنكم الآن راجعون في جميع أحكامكم إليه ، ومقصورون عليه إن شاء أمضاها وإن أراد ردّها ولواها ففي الآية غاية التقوية لقلوب المطيعين ونهاية الزجر والردع للمتمردين .