تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (70)

[ الآية 70 ] وقوله تعالى : { وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم } قوله : { وله الحكم } كقوله : { ويختار ما كان هلم الخيرة } وقد ذكرنا أن قوله : { يختار ما كان لهم الخير } /401- أن أمرهم يخرج على وجهين :

أحدهما : له الاختيار في أمرهم ، لا لهم الاختيار في أمرهم ، ولا يملكون هم ما يختار لهم دفعه .

والثاني : هو يختار لهم الخيرة في أمرهم لأنه هو العالم بمصالح أمورهم ، وما يرجع إلى الأوفق والأنفع ، هم لا يعرفون ذلك . فعلى ذلك قوله : { وله الحكم } في الدنيا والآخرة لأن أنفس الخلائق له دونهم ، فله الحكم في أمورهم وأفعالهم كما له الحكم في أحوالهم ، لأنه لا يلحقه الخطاب في حكمه ؛ إذ هو عالم بذاته ، ولا تلحقه التهمة أيضا في دفع مضرة أو جر نفع [ لأنه غني بذاته ]{[15508]} فله الحكم في الدارين جميعا . والله الموفق .

وقوله تعالى : { له الحمد في الأولى والآخرة } هذا يخرج على وجوه :

أحدهما : ما قاله أهل التأويل : إن أولياءه يحمدونه في الدنيا والآخرة ؛ [ حين يقولون ]{[15509]} { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } الآية [ فاطر : 34 ] يقولون [ ذلك ]{[15510]} إذا دخلوا الجنة .

والثاني : ما{[15511]} قال بعضهم : { في الأولى والآخرة } يقول : في السماوات والأرض . وتصديقه قول الله : { وله الحمد في السماوات والأرض } [ الروم : 18 ] وقوله{[15512]} : { يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض } [ الجمعة : 1 ] وقوله : { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن } [ الإسراء : 44 ] .

والثالث : { له الحمد في الأولى والآخرة } وهو أن جعل الدنيا مشتركة بين الأعداء والأولياء في نعيمها غير مفترقة ولا مختلفة ، وأما في الآخرة فقد فرق فيها بين الأولياء والأعداء ؛ جعل للأولياء النعمة الدائمة وللأعداء العذاب الدائم ، فله الحمد على ذلك .

والرابع : { له الحمد في الأولى والآخرة } لما جعل الدنيا دار محنة والآخرة دار الجزاء ، لم يجعلها دار المحنة .

[ والخامس ]{[15513]} : أن يكون قوله : { له الحمد في الأولى والآخرة } أي له الحمد من الخلق في كل حال وكل وقت كقوله : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] إنهم يحمدونه في بدء كل أمر وختمه أي{[15514]} أن يكون له الحمد .


[15508]:- من م، ساقطة من الأصل.
[15509]:- في الأصل وم: حيث قالوا.
[15510]:- ساقطة من الأصل وم.
[15511]:- في الأصل وم: و.
[15512]:- من م، في الأصل: وقول.
[15513]:- في الأصل وم: أو.
[15514]:- في الأصل وم: و.