غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ} (17)

1

كل ذلك استهزاء منهم فلذلك أمره بالصبر على ما يقولون قال جار الله : أراد اصبر على أذاهم وصن نفسك أن تزل فيما كلفت من مخابراتهم . { واذكر } أخاك { داود } كيف زل تلك الزلة اليسيرة فعوتب عليها ونسب إلى البغي ، أو اصبر وعظم أثر أمر معصية الله في أعينهم بذكر قصة داود وما أورثته زلته من البكاء الدائم والحزن الواصب . وقال غيره : اصبر على أذى قومك فإنك مبتلى بذلك كما صبر سائر الأنبياء على ما ابتلاهم به . ثم عدّهم وبدأ بداود وذلك أنه تمنى منزلة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب فأوحى الله إليه أنهم وجدوها بالصبر على البلايا فسأل الابتلاء . ثم إن الدنيا لا تنفك من الهموم والأحزان واستحقاق الدرجات بقدر الصبر على البليات . ثم إن مجامع ما ذكر الله تعالى في قصة داود ثلاثة أنواع من الكلام : الأول : تفصيل ما آتاه الله تعالى من الفضائل . الثاني : شرح الواقعة التي وقعت له . والثالث : استخلاف الله تعالى إياه بعد ذلك . والأول عشرة أصناف : أحدها ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم إياه ليقتدي به في الصبر وسائر أصول الأخلاق . وثانيها تسميته بالعبد مضافاً إلى صيغة جمع التكلم للتعظيم والعبودية الصحيحة الجامعة لكمالات الممكنات كما سبق مراراً . ويمكن أن يكون التلفظ بذكر اسمه العلم أيضاً تشريفاً له . وثالثها قوله { ذا الأيد } ذا القوة في الحروب وعلى الطاعات وعن المعاصي وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو أشد الصوم ويقوم نصف الليل . ويحتمل أن يكون الياء محذوفاً اكتفاء بالكسر فيكون جميع اليد بمعنى النعمة لأن الله تعالى أنعم عليه ما لم ينعم على غيره . رابعها قوله { إنه أوّاب } أي رجاع ي الأمور كلها إلى طاعة الله ومرضاته من آب يؤب .