غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ} (22)

في قوله { إذ دخلوا عليه } إشارة إلى أنهم بعد التسوّر نزلوا عليه . قال الفراء : قد يجاء بإذ مرتين ويكون معناهما كالواحد كقولك " ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت عليّ " مع أنه يكون وقت الدخول ووقت الاجتراء واحداً . وحين رآهما قد دخلا عليه لا من الطريق المعتاد علم أنهم إنما دخلوا عليه للشر . { ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان } أي نحن خصمان والخصم في الأصل مصدر فلهذا لم يجمعه أوّلاً نظراً إلى أصله ، وثناه ثانياً بتأويل شخصان أو فريقان خصمان ، وجمع الضمائر في قوله { إذ تسوّروا } { إذ دخلوا } { ففزع منهم } { قالوا لا تخف } بناء على أن أقل الجمع اثنان ، أو على أن صحب كل منهما من جملتهما . والأوّل أظهر لأن القائلين كانا اثنين بالاتفاق { بغى بعضنا على بعض } أي بغى أحدنا على الآخر وتعدّى حدّ العدالة . ثم قرروا مقصودهم بثلاث عبارات متلازمة إحداها { فاحكم بيننا بالحق } أي بالعدل الذي هو حكم الله فينا . والثانية { ولا تشطط } وهو نهي عن الباطل بإلزام الحق والشط البعد . شط وأشط لغتان ، أرادوا لا تجر فالجور البعد عن الحق . والثالثة { واهدنا إلى سواء الصراط } أي وسطه وهو مثل لمحض الحق وصدقه .