غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ تَسۡمِيَةَ ٱلۡأُنثَىٰ} (27)

1

ثم صرح بالتوبيخ على قولهم الملائكة بنات الله فقال { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة } أي كل واحد منهم { تسمية الأنثى } لأنهم إذا جعلوا الكل بنات فقد جعلوا كل واحدة بنتاً وبالعكس . وهاهنا سؤالان : أحدهما : إن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعم من هؤلاء المسلمين فكان الأولى أن يقال : إن الذين يسمون لا يؤمنون . وثانيهما أنه كيف يلزم من عدم الإيمان بالآخرة هذه التسمية ؟ والجواب عن الأول أن اللام للعهد وبه خرج الجواب عن الثاني أيضاً لأنه بخير عن جميع معهود أنهم يسمون . ولا يلزم من حمل شيء على شيء أن يكون بينهما ملازمة . ولو سلم أن اللام للعموم فالمراد بمثل هذا التركيب المبالغة والتوكيد كما تقول : الإنسان زيد . وعلى هذا فإن أريد بالحمل مجرد الإخبار فلا إشكال وإن أريد الملازمة فمعناه المبالغة أيضاً لأن غاية جهلهم بالآخرة وبالجزاء حملهم على ارتكاب مثل هذا الافتراء على الله ، وإلى هذا أشار بقوله : { ما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } .

/خ62