قوله تعالى : { إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة لَيُسَمُّونَ الملائكة تَسْمِيَةَ الأنثى } اعلم أن المراد بالذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين لا يؤمنون بالرسل ، لأن كل من آمن بالرسل اعترف بالحشر ، وذلك أنهم كانوا يقولون : الملائكة وجدوا من الله فهم أولاده بمعنى الإيجاد ، ثم رأوا في الملائكة تاء التأنيث ، وصحَّ عندهم أن يقال : سَجَدَت الملائكة ، فقالوا : بنات الله فسمَّوهُمْ تسميةَ الإناث .
فإن قيل : كيف يصح أن يقال : إنهم لا يؤمنون بالآخرة مع أنهم كانوا يقولون : هؤلاء شفعاؤُنَا عند الله وكان من عادتهم أن يربطوا مركوباً على قبر مَنْ يموت ، ويعتقدون أنه يحشر عليه ؟
أحدهما : أنهم ما كانوا يجزمون به ، بل كانوا يقولون : إنه لا حشر ، فإن كان فلنا شفعاءُ بدليلِ ما حكى الله عنهم { وَمَا أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى } [ فصلت : 50 ] .
الثاني : أنهم ما كانوا يعترفون بالآخرة على الوجه الذي ورد به الرسل .
وأما مناسبة هذه الآية لما قبلها فهي أنهم لما قيل لهم : إنَّ الصَّنَمَ جمادٌ لا يشفع ، وبين لهم أن أعظمَ أجناس الخلق لا شفاعة لهم إلا بالإذن قالوا : نَحْنُ لا نَعْبُدُ الأصنام لأنها جمادات وإنما نعبد الملائكة بعبادتها فإنها على صورها ونضعها{[53591]} بين أيدينا لنذكر بالشاهد الغائب فنعظم الملك المقرب فرد الله عليهم بهذه الآية أي كيف تعظموهم وأنتم تسموهم تسمية الإناث{[53592]} ؟
فإن قيل : كيف قال تسمية الأنثى ولم يقل : تسمية الإناث ؟
فالجواب : أن المراد بيان الجنس وهذا اللفظ أليق بهذا الموضع لمؤاخاة رؤوس الآي . أو يقال : إنه لو قال الإناث لأوهم أعلام إناث ، كعائشةَ وفاطمةَ . والمراد إنما هو البنات{[53593]} . وقد تقدمت شبهتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.