فأجابهم هود بقوله { قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب } ولا بد أن يحملا على معنييين متغايرين لمكان العطف . أما الغضب في حقه تعالى فإرادة إيقاع السوء كما سبق مراراً ، وأما الرجس فقيل : العذاب . اعترض عليه بلزوم التكرار . وقيل : العقائد المذمومة والصفات القبيحة . وذلك أن الرجس ضد التطهير كما قال سبحانه في صفة أهل البيت { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } [ الأحزاب : 33 ] وقال القفال : الرجس هو الازدياد في الكفر بالرين على القلوب كما قال { فزادتهم رجساً إلى رجسهم } [ التوبة : 125 ] وهذا التفسير أخص . أما قوله { قد وقع } ولم يقع العذاب بعد ففيه وجوه : قال بعض من يقول بأن إرادة الله تعالى حادثة : معناه أنه تعالى أحدث إرادة في ذلك الوقت . وقيل : أراد هود أنه أخبر بنزول العذاب . وقيل : جعل المتوقع الذي لا شك فيه بمنزلة الواقع كقولك لمن طلب منك حاجة قد كان ذلك . تريد أنها ستكون البتة . وعن حسان أن ابنه عبد الرحمن لسعه زنبور وهو طفل فجاء أباه يبكي فقال له : يا بني ما لك ؟ فقال : لسعني طوير كأنه ملتف في بردي حبرة فضمه إلى صدره وقال : يا بني قد قلت الشعر .
ثم أنكر عليهم قبيح فعالهم فقال { أتجادلونني في أسماء } تناظرونني في شأن آلهة أشياء ما هي إلا أسماء { سميتموها } أحدثتموها { أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان } أي لا حجة على حقيقتها فتنزل . والحاصل أنها أسماء بلا مسميات لأنكم تسمونها آلهة ومعنى الإلهية فيها معدوم محال . سموا واحداً بالعزي مشتقاً من العز وما أعطاه الله تعالى عزاً أصلاً . وسموا آخر منها باللات من الإلهية وماله من الإلهية أثر . وإنما قال في هذه السورة نزل وفي غيرها مما سيجيء { أنزل } لأن «نزل » للتكثير فيكون للمبالغة ويجري ما بعده مجرى التفصيل للجملة ، أو أنواع للجنس والله أعلم . ثم إنه ذكرهم وعيداً محدوداً فقال { فانتظروا } سوء عاقبة هذه الأصنام { إني معكم من المنتظرين } عاقبة السوء أو عاقبة الحسنى وذلك قوله { فأنجيناه والذين معه برحمة } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.