غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (69)

59

ومنها أن هوداً اقتصر على قوله { لينذركم } لما مر في قصة نوح أن فائدة الإنذار هي حصول التقوى الموجبة للرحمة فلم يكن حاجة إلى الإعادة ولكنه ضم إلى ذلك شيئاً آخر يختص بهم فقال { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } أي خلفتموهم في الأرض أو جعلكم ملوكاً قد استخلفكم فيها بعدهم وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأملاكهم وما يتصل بها من المنافع ، «وإذا » مفعول به لا ظرف أي اذكروا وقت جعلكم خلفاء { وزادكم في الخلق بسطة } فالخلق التقدير وقلما يطلق إلا على الشيء الذي له مقدار وحجمية . والمراد حصول الزيادة في أجسامهم زيادة خارقة للعادة وإلا لم تذكر في معرض الامتنان . قال الكلبي : كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعاً . وقال آخرون : تلك الزيادة هي مقدار ما تبلغه يد الإنسان إذا رفعها كانوا يفضلون على أهل زمانهم بهذا القدر . ومنهم من حمل اللفظ على الزيادة في القوة ، ومنهم من قال : الخلق الخليقة وبسطتهم فيهم كونهم من قبيلة واحدة متشاركين في القوة والشدّة والجلادة متناصرين متوادّين { فاذكروا آلاء الله } في استخلافكم وبسطة أجرامكم وفيما سواهما من عطاياه وآلاء الله نعمه واحدها إلى ونحوه أني وآناء كعنب وأعناب . قال الجوهري : واحدها إني بالفتح وقد يكسر ويكتب بالياء . استدل الطاعنون في وجوب الأعمال الظاهرية بالآية قالوا : إنه تعالى رتب حصول الفلاح على مجرد التذكر . وأجيب بأن الآيات بالدالة على وجوب العمل مخصصة أو مقيدة والتقدير : فاذكروا آلاء الله واعملوا عملاً يليق بذلك الإنعام لعلكم تفلحون .

/خ72