غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا} (3)

1

وتلاها تبعها بإحدى المعاني المذكورة ، والتجلية الكشف والعيان . والضمير في { جلاها } للشمس في الظاهر على ما قال الزجاج وغيره ، لأن النهار كلما كان أصدق نوراً كانت الشمس أجلى ظهوراً فإن الكشف والعيان يدل على قوة المؤثر وكماله لا قوة الأثر وكماله ، فكان النهار يبرز الشمس ويظهرها . وذهب جم غفير إلى أن الضمير يعود إلى الظلمة أو الدنيا أو الأرض بدلالة قرائن الأحوال وسياق الكلام ، ولعل الوجه الأول أولى لأن عود الضمير إلى المذكور أقرب منه إلى المقدر ، ولأنه يلزم تفريق الضمائر في { يغشاها } للشمس بالاتفاق وكذا في { ضحاها } و { تلاها } ولأن غشيان الليل الشمس عبارة عن ذهاب الضوء وحصول الظلمة بسبب غيبة الشمس في الأفق .

فكذا تجلية النهار إياها يجب أن تكون إشارة إلى كمال الضوء وظهوره للحس بواسطة ظهور الشمس فوق الأفق . والحاصل أن الذهن كما ينتقل من عدم الأثر إلى عدم المؤثر فجعل كأن لعدم الأثر تأثيراً في عدم المؤثر ، فكذلك ينتقل من وجود الأثر إلى وجود المؤثر فيصح أن يقال : إن وجود الأثر علة لوجود المؤثر وهذا معنى كون النهار مجلياً للشمس .

/خ15