التفسير : قال النحويون : إن في ناصب { إذا تلاها } وما بعده إشكالاً لأن " ما " سوى الواو الأولى إن كن للقسم لزم اجتماع أقسام كثيرة على مقسم به واحد وهو مستنكر عند الخليل وسيبويه ، لأن استئناف قسم آخر دليل على أن القسم الأول قد استوفى حقه من الجواب فيلزم التغليظ ، وإن كن عاطفة لزم العطف على عاملين بحرف واحد وذلك أن حرف العطف ناب عن واو القسم المقتضي للجر وعن الفعل الذي يقتضي انتصاب الظرف . والجواب أنا نختار الثاني ولزوم العطف على عاملين ممنوع لأن حرف العطف ناب عن واو القسم النائب عن الفعل المتعدّي بالباء ، وكما أن واو القسم تعمل الجر في القسم والنصب في الظرف إذا قلت مثلاً ابتداء { والليل إذا يغشى } [ الليل :1 ] لقيامه مقام قولك " اقسم بالليل إذا يغشى " فكذا حرف العطف النائب منابه نظيره قولك " ضرب زيد عمراً وبكر خالداً " فترفع بالواو وتنصب لقيامه مقام ضرب . قال بعض المتكلمين : المضاف في هذه الأقسام محذوف تقديره ورب الشمس إلى آخرها . وزيف بلزوم التكرار في قوله { وما بناها } وما بعده . وأجيب بأن " ما " في { وما بناها } وما بعده مصدرية . واعترض عليه في الكشاف بأنه يلزم من عطف قوله { فألهمهما } على قوله { وما سوّاها } فساد النظم فالوجه أن تكون " ما " موصولة . وإنما أوثرت على " من " لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل : والسماء والقادر العظيم الذي بناها ، ونفس والحكيم الذي سوّاها ، على أنه قد جاء " ما " مستعملاً في " من " كقولهم " سبحان ما سخركن لنا " . أما الذين لم يقدروا المضاف فأورد عليهم أنه يلزم تأخير القسم برب السماء وبانيها عن القسم بالسماء . والجواب أن الله عز قائلاً أراد أن نتدرج من المحسوسات إلى المعقولات ومن المصنوعات إلى الصانع ، ولا يخفى أن المحسوسات أظهرها هو الشمس فذكرها سبحانه مع أوصافها الأربعة الدالة على عظمتها . فأول أعظم الأوصاف الضوء الحاصل منها عند ارتفاع النهار ، وثانيها تلو القمر لها غاية في منتصف الشهر أو تلوه لها في أخذ الضوء عنها أو في غروبه ليلة الهلال بعدها قاله قتادة والكلبي . وقيل : في كبر الجرم بحسب الحس وفي ارتباط مصالح هذا العالم بحركته . والثالث والرابع بروزها لمجيء النهار ، والرابع اختفاؤها لمجيء الليل .
ثم ذكر ذاته المقدسة وعقبه بأنواع تدابيره في السماء والأرض
وفي البسائط وما يتركب منها وأشرفها النفس . ولنشتغل بتفسير بعض الألفاظ .
قال الليث : الضحو ارتفاع النهار والضحى فوق ذلك . والضحاء بالمد إذا امتد النهار وقرب أن ينتصف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.