مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ} (116)

{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب } ، هو منصوب ب { لا تقولوا } ، أي : ولا وتقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم : { مَا فِي بُطُونِ هذه الانعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا } [ الأنعام : 139 ] ، من غير استناد ذلك الوصف إلى الوحي أو إلى القياس المستنبط منه . واللام مثلها في قولك لا تقولوا لما أحل الله هو حرام . وقوله : { هذا حلال وهذا حَرَامٌ } ، بدل من الكذب ، ولك أن تنصب { الكذب } ب { تصف } ، وتجعل «ما » مصدرية ، وتعلق { هذا حلال وهذا حرام } ب { لا تقولوا } ، أي : و لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام ، وهذا لوصف ألسنتكم الكذب ، أي : ولا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم ، لا لأجل حجة وبينة ، ولكن قول ساذج ودعوى بلا برهان . وقوله : { تصف ألسنتكم الكذب } ، من فصيح الكلام جعل قولهم كأنه عين الكذب ، فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته وصورته بصورته ، كقولك : «وجهها يصف الجمال ، وعينها تصف السحر » . واللام في { لِّتَفْتَرُواْ على الله الكذب } ، من التعليل الذي لا يتضمن معنى الفرض ، { إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ } .