الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ} (116)

وقوله سبحانه : { وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب هذا حلال وهذا حَرَامٌ } [ النحل : 116 ] .

هذه الآية مخاطَبَةٌ للكفَّار الذينَ حرَّموا البحائر والسَّوائب .

قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه » : ومعنى الآية : لا تصفوا الأعيان بأنها حلالٌ أو حرامٌ مِنْ قِبَلِ أنفسكم ، إِنما المحرِّم والمحلِّل هو اللَّه سبحانه ، قال ابن وَهْب : قال مالكٌ لم يَكُنْ مِنْ فُتْيَا النَّاسِ أنْ يقال لَهُمْ : هَذَا حَلاَلٌ ، وهذا حَرَامٌ ، ولكنْ يقول : أَنا أَكْرَهُ هذا ، ولَمْ أَكُنْ لأصنَعَ هذا ، فكان النَّاسُ يطيعون ذلك ، ويرضَوْنَه ، ومعنى هذا : أنَّ التحليل والتحريمَ إِنما هو للَّه كما تقدم بيانه ، فليس لأحدٍ أنْ يصرِّح بهذا في عَيْن من الأعيانِ إلا أنْ يكون الباري تعالى يخبر بذلك عَنْه ، وما يؤدِّي إِليه الاجتهادُ أنه حرامٌ يقول فيه : إِني أكْرَهُ كذا ، وكذلك كان مَالِكٌ يفعلُ ، اقتداء بمن تقدَّم من أهْلِ الفتوى انتهى .