{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ( 116 ) }
ثم زيف طريقة الكفار في الزيادة على هذه المحرمات كالبحيرة والسائبة ، وفي النقصان عنها كتحليل الميتة والدم فقال : { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ } . قال الكسائي والزجاج : { ما } مصدرية ، و " الكذب " منتصب ب " لا تقولوا " أي : لا تقولوا الكذب لأجل وصف ألسنتكم ، ومعناه : لا تحللوا ، ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم من غير حجة ، وقيل : { ما } موصولة ، والكذب منتصب ب " تصف " أي : لا تقولوا للذي تصف ألسنتكم الكذب فيه ؛ فحذف لفظ " فيه " ؛ لكونه معلوما ، فيكون هذا حلال وهذا حرام بدلا من الكذب .
قال مجاهد : في البحيرة والسائبة ، وقيل : يعني قولهم : ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير استناد ذلك الوصف إلى الوحي .
وقيل : في الكلام حذف بتقدير القول ، أي : فتقول : هذا حلال وهذا حرام ، أو قائلة : هذا حلال وهذا حرام ، وقيل : لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب ، وقرئ : " كذب " بضم الثلاثة على أنه نعت للألسنة ، وقرئ ككتف نعتا أو بدلا منها ، ولا تقولوا الكذب الذي تصفه ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام .
عن أبي نضرة قال : قرأت هذه الآية في سورة النحل ، فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا .
قلت صدق رحمه الله فإن هذه الآية تتناول بعموم لفظها فتيا من أفتى بخلاف ما في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما يقع كثيرا من المؤثرين للرأي المقدمين له على الرواية أو الجاهلين لعلم الكتاب والسنة كالمقلدة ، وإنهم لحقيقون بأن يحال بينهم وبين فتواهم ويمنعوا من جهالاتهم ، فإنهم أفتوا بغير علم من الله ولا هدى ولا كتاب منير فضلوا وأضلوا ، فهم ومن يستفتيهم كما قال القائل :
كبهيمة عمياء قاد زمامها أعمى على عوج الطريق الحائر
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : عسى رجل يقول : إن الله أمر بكذا أو نهى عن كذا ، فيقول الله عز وجل : كذبت ، أو يقول : إن الله حرم كذا أو أحل كذا فيقول الله له : كذبت .
{ لِّتَفْتَرُواْ } ، اللام هي لام العاقبة ، لا لام الغرض ، أي : فيتعقب ذلك افتراؤكم { عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ } ، بالتحليل والتحريم ، وإسناد ذلك إليه من غير أن يكون منه .
{ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ } ، أي افتراء كان ، { لاَ يُفْلِحُونَ } بنوع من أنواع الفلاح ، والفوز بالمطلوب لا في الدنيا ولا في الآخرة بدليل ما بعده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.