مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَأَكَلَا مِنۡهَا فَبَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ} (121)

{ فَأَكَلاَ } أي آدم وحواء { مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا } عوراتهما { سَوْءتُهُمَا } { وَطَفِقَا } طفق يفعل كذا مثل جعل يفعل وهو ك «كاد » في وقوع الخبر فعلاً مضارعاً إلا أنه للشروع في أول الأمر وكاد للدنو منه { يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنة } أي يلزقان الورق بسوآتهما للتستر وهو ورق التين { وعصى ءادَمُ رَبَّهُ فغوى } ضل عن الرأي . وعن ابن عيسى خاب ، والحاصل أن العصيان وقوع الفعل على خلاف الأمر والنهي ، وقد يكون عمداً فيكون ذنباً وقد لا يكون عمداً فيكون زلة . ولما وصف فعله بالعصيان خرج فعله من أن يكون رشداً فكان غياً ، لأن الغي خلاف الرشد . وفي التصريح بقوله { وعصى ءادَمُ رَبَّهُ فغوى } والعدول عن قوله و «زل آدم » مزجرة بليغة وموعظة كافة للمكلفين كأنه قيل لهم : انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي المعصوم حبيب الله زلته بهذه الغلظة فلا تتهاونوا بما يفرط منكم من الصغائر فضلاً عن الكبائر .