فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَكَلَا مِنۡهَا فَبَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ} (121)

{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سوآتهما } قد تقدّم تفسير هذا وما بعده في الأعراف . قال الفراء : ومعنى طفقا في العربية : أقبلا ، وقيل : جعلا يلصقان عليهما من ورق التين { وعصى آدَمُ رَبَّهُ فغوى } أي عصاه بالأكل من الشجرة { فغوى } فضلّ عن الصواب أو عن مطلوبه ، وهو الخلود بأكل تلك الشجرة . وقيل : فسد عليه عيشه بنزوله إلى الدنيا . وقيل : جهل موضع رشده . وقيل : بشم من كثرة الأكل . قال ابن قتيبة : أكل آدم من الشجرة التي نهي عنها باستزلال إبليس وخدائعه إياه ، والقسم له بالله إنه له لمن الناصحين حتى دلاه بغرور ، ولم يكن ذنبه عن اعتقاد متقدّم ونية صحيحة ، فنحن نقول : عصى آدم ربه فغوى . انتهى . قال القاضي أبو بكر بن العربي : لا يجوز لأحد أن يخبر اليوم بذلك عن آدم . قلت : لا مانع من هذا بعد أن أخبرنا الله في كتابه بأنه عصاه ، وكما يقال : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، ومما قلته في هذا المعنى :

عصى أبو العالم وهو الذي *** من طينة صوّره الله

وأسجد الأملاك من أجله *** وصير الجنة مأواه

أغواه إبليس فمن ذا أنا المس *** كين إن إبليس أغواه

/خ122