محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

[ 58 ] { ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ 58 } .

{ ولما جاء أمرنا } أي عذابنا ، أو أمرنا بالعذاب ، وهو الريح العقيم { نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ } . وقد بين في غير آية ، منها قوله{[4862]} : { وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية } .

/ فإن قلت : ما معنى تكرير التنجية ؟ فالجواب : لا تكرير فيه ، لأن الأول إخبار بأن نجاتهم برحمة الله وفضله ، والثاني بيان ما نجوا منه ، وأنه أمر شديد عظيم لا سهل ، فهو للامتنان عليهم ، وتحريض لهم على الإيمان . أو الأول إنجاء من عذاب الدنيا ، والثاني من عذاب الآخرة ، تعريضا بأن المهلكين كما عذبوا في الدنيا بالسموم ، فهم معذبون في الآخرة بالعذاب الغليظ . ويرجح الأول بملاءمته لمقتضى المقام .


[4862]:[69 / الحاقة / 6 و 7].