محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةٗ فَظَلَمُواْ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفٗا} (59)

وقوله تعالى :

[ 59 ] { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا 59 } .

{ وما منعنا أن نرسل بالآيات } أي التي يقترحها قريش : { إلا أن كذب بها / الأولون } أي إلا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم . كعاد وثمود . وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك . فاستوجبوا الاستئصال . على ما مضت به السنة الإلهية . وقد قضينا أن لا نستأصلهم ، لأن منهم من يؤمن أو يلد من يؤمن . ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة ، فقال : { وآتينا ثمود الناقة } أي أعطينا قوم صالح الناقة بسؤالهم { مبصرة } أي بينة ، تبصر الغير برهانها { فظلموا بها } أي فكفروا بها وظلموا أنفسهم بسبب عقرها ، فأبادهم الله عن آخرهم وانتقم منهم { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } أي وما نرسل الآيات المقترحة إلا تخويفا للناس ، ليعلموا السنة الإلهية مع العاتين ، فيتذكروا ويتوبوا .

روى الإمام أحمد{[5404]} عن ابن عباس قال : " سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، وأن ينحّي الجبال عنهم فيزرعوا . فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم ، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا . فإن كفروا ، هلكوا كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم . قال : لا . بل أستأني بهم ، وأنزل الله قوله تعالى : { وما منعنا أن نرسل . . . } الآية " . ورواه النسائي .


[5404]:أخرجه في المسند بالصفحة رقم 258 من الجزء الأول (طبعة الحلبي) والحديث رقم 2333 (طبعة المعارف).