محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا} (67)

قال أبو السعود : وهذا تذكير لبعض النعم التي هي من دلائل التوحيد ، وتمهيد لذكر توحيدهم عند مساس الضر ، تكملة لما مر من قوله : { فلا يملكون . . . } الآية ، وذلك قوله تعالى : { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا } .

{ وإذا مسكم الضر في البحر } أي خوف الغرق { ضل من تدعون إلا إياه } أي ذهب عن أوهامكم وخواطركم كل من تدعونه وتعبدونه ، إلا إياه وحده . فإنكم لا تذكرون سواه . فطرة فطر الله الخلق عليها .

وهذه الآية مما يستدل بها على الرجوع إلى الفطرة الصحيحة . وقد استدل لكثير من الأصول بها ، كما يعلم ذلك من كلام الأئمة في مسائل شتى . كمسألة وجود الخالق وعلوّه ، والمعاد وغيرها . وقوله تعالى : { فلما نجاهم } أي من الغرق { إلى البر أعرضتم } أي عن التوحيد : { وكان الإنسان كفورا } أي بأنعم الله . والجملة كالتعليل للإعراض . قال الشهاب : وفيه لطف ، حيث أعرض عن خطابهم بخصوصهم . وذكر أن جنس / الإنسان مجبول على هذا . فلما أعرضوا أعرض الله عنهم .