محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

وقوله تعالى :

{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } .

{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } نزلت حين قالوا : { نتربص به ريب المنون } فكانوا يقدرون أنه سيموت ، فيشمتون بموته ، لما يأملون ذهاب الدعوة النبوية ، وتبدد نظامها ، بفقد واسطة عقدها . فنفى الله تعالى عنه الشماتة بهذه الآية ، بما قضى أنه لا يخلد في الدنيا بشرا ، لكونه مخالفا للحكمة التكوينية . وأعلم بحفظ تنزيله وحراسته من المؤثرات ما بقيت الدنيا بقوله : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } .

قال ابن كثير : فقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الخضر عليه السلام مات ، وليس بحي إلى الآن . لأنه بشر سواء كان وليا ، أو نبيا أو رسولا . انتهى .

وتقدم بسط ذلك في سورة الكهف فتذكر . وفي معنى الآية قول عروة الصحابي رضي الله عنه :

إذا ما الدهر جر على أناس *** كلاكله أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا : أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا

وقول الشافعي :

تمنى أناس أن أموت ، وإن أمت *** فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى : *** تهيأ لأخرى مثلها ، وكأن قد