محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّـۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ} (79)

ولما بين تعالى كذبهم عليه –جل ذكره- بين افتراءهم على رسله إذ زعموا أن عيسى عليه السلام أمرهم أن يتخذوه ربا ، فرد سبحانه عليهم بقوله :

/

79

( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون79 ) .

( ما كان لبشر ) أي ما صح ولا استقام . وفي التعبير ب ( بشر ) إشعار بعلة الحكم ، فان البشرية منافية لما افتروه عليهم ( أن يؤتيه الله الكتاب والحكم ) أي الفهم والعلم أو الحكمة ( والنبوة ) وهي الخبر منه تعالى ليدعو الناس إلى الله بترك الأنداد ( ثم يقول للناس ) أي الذين بعثه الله إليهم ليدعوهم إلى عبادته وحده ( كونوا عبادا لي ) أي اتخذوني ربا ( من دون الله ولكن ) يقول لهم ( كونوا ربانيين ) أي منسوبين إلى الرب لاستيلاء الربوبية عليهم وطمس البشرية بسبب كونهم عالمين عاملين معلمين تالين لكتب الله . أي كونوا عابدين مرتاضين بالعلم والعمل والمواظبة على الطاعات ، حتى تصيروا ربانيين بغلبة النور على الظلمة –أفاده القاشاني- ( بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) أي بسبب مثابرتكم على تعليم الناس الكتاب ودراسته ، أي قراءته . فإن ذلك يجركم إلى الله تعالى بالإخلاص في عبادته .