( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون90 ) .
( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ) أي الذين ضلوا سبيل الحق وأخطؤوا مناهجه . وقد أشكل على كثير قوله تعالى : ( لن تقبل توبتهم ) مع أن التوبة عند الجمهور مقبولة كما في الآية قبلها ، وقوله سبحانه : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) . وغير ذلك . فأجابوا : بأن المراد عند حضور الموت . قال الواحدي في ( الوجيز ) : لن تقبل توبتهم لأنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت ، وتلك التوبة لا تقبل –انتهى- ، أي كما قال تعالى : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت ) . الآية . وقيل عدم قبول توبتهم كناية عن عدم توبتهم أي لا يتوبون . كقوله : ( أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) . وإنما كنى بذلك تغليظا في شأنهم وإبرازا لحالهم في صورة حال الآيسين من الرحمة ، وقيل/ لأن توبتهم لا تكون إلا نفاقا لارتدادهم وازديادهم كفرا . وبقي للمفسرين وجوه أخرى ، هي في التأويل أبعد مما ذكر . / ولا أرى هذه الآية إلا كآية النساء : ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ) الخ . وكلاهما مما يدل صراحة على أن من تكررت ردته لا تقبل توبته ، وإلى هذا ذهب إسحاق وأحمد كما قدمنا ، وذلك لرسوخه في الكفر . وقد أشار القاشاني إلى أن هذه الآية مع التي قبلها يستفاد منها أن الكفرة قسمان في باب العناد ، وعبارته عند قوله تعالى : ( كيف يهدي الله قوما ) : أنكر تعالى هدايته لقوم قد هداهم أولا بالنور الاستعدادي إلى الإيمان ثم بالنور الإيماني إلى أن عاينوا حقية الرسول وأيقنوا بحيث لم يبق لهم ( كذا ) . وانضم إليه الاستدلال العقلي بالبينات ، ثم ظهرت نفوسهم بعد هذه الشواهد كلها بالعناد واللجاج وحجبت أنوار قلوبهم وعقولهم وأرواحهم الشاهدة ثلاثتها بالحق للحق ، لشؤم ظلمهم وقوة استيلاء نفوسهم الأمارة عليهم الذي هو غاية الظلم فقال : ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) ، لغلظ حجابهم وتعمقهم في البعد عن الحق وقبول النور . وهم قسمان : قسم رسخت هيأة استيلاء النفوس الأمارة على قلوبهم فيهم وتمكنت ، وتناهوا في الغي والاستشراء ، وتمادوا في البعد والعناد ، حتى صار ذلك ملكة لا تزول ، وقسم لم يرسخ ذلك فيهم بعد ، ولم يصر على قلوبهم رينا ، ويبقى من وراء حجاب النفس مسكة من نور استعدادهم ، عسى أن تتداركهم رحمة من الله وتوفيق فيندموا ويستحيوا بحكم غرير العقول . فأشار إلى القسم الأول بقوله : ( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ) إلى آخره ، وإلى الثاني بقوله : ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ) بالمواظبة على الأعمال والرياضات ، ما أفسدوا –انتهى- .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.