( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم92 ) .
( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) استئناف خطاب للمؤمنين سيق لبيان ما ينفعهم ويقبل منهم ، إثر بيان ما لا ينفع الكفرة ولا يقبل منهم ، أي لن تبلغوا حقيقة البر ، وتلحقوا بزمرة الأبرار . بناء على أن تعريف البر للجنس . أو لن تنالوا بر الله سبحانه وتعالى وهو ثوابه وجنته ، إذا كان للعهد ، حتى تنفقوا في سبيل الله تعالى مما تحبون ، أي تهوونه ويعجبكم من كرائم أموالكم ، كما في قوله تعالى : ( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ) ، وقد روى الشيخان عن أنس بن مالك قال : " كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل ، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى اله عليه وسلم / يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب . قال أنس : فلما أنزلت هذه الاية ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) وإن أحب أموالي إلي بيرحاء ، وإنها صدقة لله عز وجل أرجو برها وذخرها عند الله . فضعها يا رسول الله حيث أراك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ بخ . ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت . وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ، قال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله . فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه " – ( وبيرحا روي بكسر الباء وفتحها وفتح الراء وضمها والمد والقصر ، وهو اسم حديقة بالمدينة –وفي ( الفائق ) : إنها فيعلى من البراح ، وهو الأرض الظاهرة . وبخ وبخ كلمة استحسان ومدح كررت للتأكيد ، ورابح بالموحدة أي ذو ربح ، وبالمثناة التحتية أي يروح عليك نفعه وثوابه ) .
وفي ( الصحيحين ) أن عمر قال : " يا رسول الله ! لم أصب مالا قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر ، فما تأمرني به ؟ قال : حبس الأصل وسبل الثمرة " .
وروى الحافظ أبو بكر البزار أن عبد الله بن عمر قال : " حضرتني هذه الآية : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فذكرت ما أعطاني الله ، فلم أجد شيئا أحب إلي من جارية لي رومية ، فقلت : هي حرة لوجه الله ، فلو أني أعوذ في شيء جعلته لله ، لنكحتها . يعني تزوجتها " .
قال القاشاني ، في هذه الآية ، كل فعل يقرب صاحبه من الله فهو بر ، ولا يمكن التقرب إليه إلا بالتبرؤ عما سواه ، فمن أحب شيئا فقد حجب عن الله تعالى به ، وأشرك شركا خفيا ، لتعلق محبته بغير الله ، كما قال تعالى : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم / كحب الله ) وآثر نفسه به على الله ، فقد بعد من الله بثلاثة أوجه : وهي محبة غير الحق ، والشرك ، وإيثار النفس على الحق ، فإن آثر الله به على نفسه وتصدق به وأخرجه من يده فقد أزال البعد ، وحصل القرب ، وإلا بقي محجوبا ، وإن أنفق من غيره أضعافه ، فما نال برا لعلمه بما ينفق وباحتجاجه بغيره .
( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) أي فمجازيكم عليه ، قليلا كان أو كثيرا ، جيدا أو غيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.