تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ ثُمَّ ٱزۡدَادُواْ كُفۡرٗا لَّن تُقۡبَلَ تَوۡبَتُهُمۡ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ} (90)

الآية 90 وقوله تعالى : { إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم } الآية : اختلف فيه : قيل : قوله : { كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا } أي ماتوا على ذلك ، فذلك زيادتهم الكفر ، وقيل : { إن الذين كفروا } بعيسى بعد الإيمان بالرسل جميعا { ثم ازدادوا كفرا } بمحمد صلى الله عليه وسلم { لم تقبل توبتهم } قيل : لن تقبل توبتهم التي تابوا مرة ، ثم تركوها ، وقيل : لن تقبل توبتهم التي أظهروا باللسان ، وما{[4054]} كان ذلك في قلوبهم ، [ أي ليست لهم توبة ]{[4055]} إلا أن تكون توبة منهم ، فترد كقوله : { ولا تقبل منها شفاعة } [ البقرة : 48 ] وقيل هم قوم علم الله أنهم لا يتوبون أبدا ، فأخبر أنه لا يقبل توبتهم كقوله : { آنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } [ البقرة : 6 ] وقيل : لا تقبل توبتهم عند الموت كقوله : { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده } [ غافر : 84 ] وكقوله : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } [ النساء : 159 ] وكقوله : { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } [ الأنعام : 158 ] إنه لا ينفع الإيمان في ذلك الوقت . فعلى ذلك قوله : { لن تقبل توبتهم } في ذلك الوقت إذا داموا على الكفر إلى ذلك الوقت .

قال الشيخ ، رحمه الله ، في قوله : { إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم } ذلك في قوم مخصوصين ، أي لا [ تكون لهم ]{[4056]} كقوله : { ولا يقبل منها شفاعة } [ البقرة : 48 ] أي لا شافع لهم ، { ولا شفاعة } [ البقرة : 254 ] ويحتمل عند رؤية فعل الله وجزاء فعله عند القيامة ومعاينة الموت ، يدل على ذلك الآية التي تقدمت .


[4054]:من م، في الأصل: ولما.
[4055]:من م، ساقطة من الأصل.
[4056]:في الأصل وم: يكون منهم.