محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينًا} (144)

( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا144 ) .

( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين * أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) هذا نهي عن موالاة الكفرة . يعني مصاحبتهم ، ومصادقتهم ، ومناصحتهم ، واسرار المودة إليهم ، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم . كما قال تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين * ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء الا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه ) {[2382]} . أي : يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه . ولهذا قال ههنا : ( أتريدون ان تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) أي : حجة عليكم في عقابكم بموالاتكم اياهم . وقد دلت الآية على تحرم موالاة المؤمنين للكافرين . قال الحاكم : وهي الموالاة في الدين والنصرة فيه . لا المخالفة والاحسان . قال الزمخشري : وعن صعصعة بن صوحان : " أنه قال لابن أخ له : خالص المؤمن وخالق الكافر والفاجر . فإن الفاجر يرضى منك بالخلق الحسن . وأنه يحق عليك ان تخالص المؤمن " . قال أبو السعود : وتوجيه الإنكار إلى الإرادة دون متعلقها بأن يقال : ( أتجعلون . . . ) الخ ، للمبالغة في انكار ذلك ، وتهويل أمره ببيان انه مما لا يصدر عن العاقل ارادته ، فضلا عن صدور نفسه . كما في قوله عز وجل : ( أم تريدون ان تسألوا رسولكم ) {[2383]} .

/ لطيفة :

روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : " كل سلطان في القرآن حجة " . وكذا قال غيره من أئمة التابعين . قال محمد بن يزيد : هو من ( السليط ) . وهو دهن الزيت لاضاءته . أي : فإن الحجة من شانها أن تكون نيرة . وفي ( البصائر ) انما سمى الحجة سلطانا لما يلحق من الهجوم على القلوب . لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة .


[2382]:|3/ آل عمران/ 28| (... والى الله المصير28).
[2383]:|2/ البقرة/ 108| ونصها: (أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل108).