محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا} (145)

( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا145 ) .

( ان المنافقين في الدرك ) قرئ بسكون الراء وفتحها ( الأسفل من النار ) أي الطبق الذي في قعر جهنم . والدرك كالدرج . الا انه يقال باعتبار الهبوط . والدرج باعتبار الصعود . وانما عوقبوا بذلك لأنهم أخبث الكفرة . اذ ضموا إلى الكفر استهزاء بالإسلام وخداعا للمسلمين .

قال الرازي : وبسبب أنهم لما كانوا يظهرون الاسلام ، يمكنهم الاطلاع على أسرارا المسلمين يخبرون الكفار بذلك . فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين . فلهذه الأسباب عوقبوا بذلك . ونقل عن ابن الأنباري أنه قال{[2384]} : انه تعالى أخبر عن آل فرعون بقوله : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) وعن المنافقين بما في هذه الآية . فأيهما أشد عذابا ؟ فأجاب : بأن يحتمل ان أشد العذاب انما يكون في الدرك الأسفل . وقد اجتمع فيه الفريقان . والله أعلم . روى الترمذي{[2385]} عن الحسن قال : " قال عتبة بن غزوان على منبر البصرة ، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ان الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاما ، وما تفضي إلى قرارها . وكان عمر رضي الله عنه يقول : " أكثروا ذكر النار . فإن حرها شديد وان قعرها بعيد وان مقامعها حديد " . وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري{[2386]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره " . ( ولن تجد لهم نصيرا ) أي : ينقذهم مما هم فيه ويخرجهم من أليم العذاب .


[2384]:|40/ غافر/ 46| ونصها: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب46).
[2385]:أخرجه الترمذي في: 37 –كتاب صفة جهنم، 2 –باب ما جاء في صفة قعر جهنم.
[2386]:أخرجه الترمذي في: 44 –كتاب التفسير، 21 –سورة الأنبياء، 1 –حدثنا عبد بن حميد.