تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينًا} (144)

الآية 144

وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } عن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[6718]} قال : ( نزلت في المنافقين الذين اتخذوا { الكافرين أولياء من دون المؤمنين } سماهم الله تعالى مؤمنين بإقرارهم بالإيمان علانية وتوليهم الكافرين سرا ) ويقال{[6719]} : سموا مؤمنين لما كانوا ينتسبون إلى المؤمنين /118- أ/ فسموا ذلك . وقيل : نزلت في المؤمنين : نهاهم أن يتخذوا المنافقين أولياء بإظهارهم الإيمان علانية ، وأمرهم أن يتخذوا المؤمنين أولياء .

ثم وجه{[6720]} النهي في الولاية واتخاذهم أولياء يكون من وجوه :

يحتمل النهي عن ولايتهم ولاية الدين : أي لا تثقوا بهم ، ولا تصدقوهم ، ولا تأمنوهم في الدين ، فإنهم يريدون أن يصرفوكم عن دينكم كقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم } ( آل عمران : 149 ) .

ويحتمل{[6721]} النهي( عن ولاية الأولياء ) {[6722]}في أمر الدنيا كقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا } الآية( آل عمران : 118 ) نهى المؤمنين عز وجل أن يجعلوا المنافقين موضع سرهم في أمر من أمور الحرب وغيره .

( ويحتمل النهي ){[6723]} في كل أمر ، أي لا تصادقوهم ، ولا تجالسوهم ، ولا تأمنوهم .

وقوله تعالى : { أتردون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا } قيل : عذرا مبينا ، وقيل : حجة بينة يحتج بها عليكم ، وقوله تعالى : { أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا } هو{[6724]} ، والله أعلمن الإرادة ، وهي صفة كل فاعل في الحقيقة . وحرف الاستفهام من الله إيجاب ، فكأنه قال : قد جعلتم لله في تعذيبكم حجة بينة يعقلها الكل ، أنى ذلك يكون ، وهو اتخاذ الكافرين أولياء دون المؤمنين حجة ظاهرة في لزوم المقت ؟

وجائز أن تكون الإضافة إلى الله توجع إلى أولياء الله نحو الأمر بنصر الله والقول بمخادعة الله . وكان ذلك منهم حجة بينة عليهم لأولياء الله أنهم لا يتخذون الشيطان ولي عبادة غير الله ، فاتخذوه{[6725]} ، ولا قوة إلا بالله .


[6718]:ساقطة من الأصل وم.
[6719]:في الأصل وم: أو أن يقال.
[6720]:من م، في الأصل:وجد.
[6721]:هذا هو الوده الثاني.
[6722]:في الأصل وم: أولياء.
[6723]:في الأصل وم: والثالث.
[6724]:في الأصل وم: فهو.
[6725]:في الأصل وم:اتخذوه.