فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينًا} (144)

{ يا أيها الذين آمنوا } خطاب للمؤمنين الخلص { لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } أي لا تجعلوهم خاصة لكم وبطانة توالونهم من دون إخوانكم من المؤمنين كما فعل المنافقون من موالاتهم للكافرين .

{ أتريدون } الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، وتوجيه الإنكار إلى الإرادة دون متعلقها بأن يقال أتجعلون للمبالغة في إنكاره وتهويل أمره ببيان أنه لا ينبغي أن يصدر عن العاقل إرادته فضلا عن صدور نفسه { أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا } أي حجة بينة يعذبكم بها بسبب ارتكابكم لما نهاكم عنه من موالاة الكافرين{[560]} .

قال قتادة : إن لله السلطان على خلقه ولكنه يقول عذرا مبينا ، وعن ابن عباس قال : كل سلطان في القرآن فهو حجة والله سبحانه أعلم ، والسلطان يذكر ويؤنث فتذكيره البرهان ، وتأنيثه باعتبار الحجة إلا أن التأنيث أكثر عند الفصحاء ، وقال الفراء : التذكير أشهر وهي لغة القرآن .


[560]:رواه الإمام أحمد7/129، ومسلم 4/2146 وبن جرير9/333. والشاة العائرة: هي المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع، من قولهم: عار الفرس والكلب وغيرهما يعير عيارا، إذا ذهب كأنه منفلت من صاحبه، فهو يتردد هنا وهنا، وقوله: تعير إلى هذه مرة. أي: تذهب في ترددها إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة.