لما ذَمَّ المُنَافِقِين بأنَّهُم لم يَسْتقِرُّوا مع أحَد الطَّريقَين ، نَهَى المُسْلِمِين أن يَفْعَلُوا فِعْل المُنَافِقِين ؛ فقال : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } والسبب فيه : " أن الأنْصَار بالمدينَةِ كانت لَهُمْ [ في قُرَيْظَة ]{[10165]} رِضَاع وحِلْفٌ ومَوَدَّة ، فقالُوا : يا رسول الله ، مَنْ نَتَولَّى ؟ فقال : " المُهَاجِرِين " " ، فَنَزَلَتْ هذه الآية{[10166]} .
وقال القَفَّال - رحمه الله تعالى{[10167]} - : هذا نَهْيٌ للمُسلِمِين عن مُوالاةِ المُنافِقِين ، يقول{[10168]} : قد بَيَّنْتُ لكم أحْوَال هؤلاء المُنَافِقِين ومَذَاهِبهم ، فلا تَتَّخِذُوا مِنْهُم أوْلِيَاء .
ثم قال : { أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } ، [ فإن حَمَلْنَاه على الأوَّلِ وهو نَهْي المُؤمنين عن مُوالاَةِ الكُفَّارِ ، كان المَعْنَى : أتُرِيدُونَ أن تَجْعَلُوا للَّه عليكم سُلْطَاناً مُبِيناً ]{[10169]} على كَوْنِكُم مُنَافِقِين ، المُرَاد أتُرِيدُون أن تجعلُوا لأهْلِ دين اللَّه وهم الرَّسُول وأمته ، وإن حَملْناهُ على المُنَافِقِين ، كان المَعْنَى : أتريدُون أن تَجْعَلُوا للَّه عليكم في عقَابِكُم حُجَّة ؛ بِسببِ مُوالاتِكُم مع المُنافِقِين .
قوله : " سُلْطَاناً " : السلطان يُذكَّرُ ويؤنث ، فتذكيرُه باعتبار البرهان ، وتأنيثه باعتبار الحُجَّة ، إلا أن التأنيثَ أكثرُ عند الفُصَحاء ، كذا قاله الفرَّاء ، وحكى : " قَضت عليْكَ السُّلطَانُ " و " أخذتْ فلاناً السُّلْطَانُ " وعلى هذا فكيف ذُكِّرت صفته ، فقيل : مبيناً دون : مبينة ؟ والجوابُ : أن الصفة هنا رأسُ فاصلة ، فلذلك عدلَ إلى التذكير ، دون التأنيث ، وقال ابن عطية ما يخالِفُ ما حكاه الفراء ؛ فإنه قال : " والتذكيرُ أشهرُ ، وهي لغةُ القرآنِ ؛ حيث وقع " . و " عَلَيْكُمْ " يجوزُ تعلُّقه بالجَعْلِ ، أو بمحذوفٍ على أنه حال من " سُلْطَاناً " لأنه صفة له في الأصل ، وقد تقدَّم نظيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.