محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ} (17)

{ كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } أي كانوا يهجعون هجوعا قليلا ، لتقوى نفوسهم على عبادته تعالى ، بنشاط .

روى ابن جرير :{[6780]} عن أنس في الآية ، ( أنهم كانوا يصلّون ما بين هاتين الصلاتين ، ما بين المغرب والعشاء ) .

وعن محمد بن عليّ : كانوا لا ينامون حتى يصلّوا العتمة .

وعن مطرّف : قلّ ليلة أتت عليهم ، إلا صلوا فيها من أولها أو من وسطها .

وعن الحسن قال : لا ينامون من الليل إلا أقله ، كابدوا قيام الليل .

وقرأ الأحنف بن قيس هذه الآية فقال : لست من أهل هذه الآية .

وعن الضحاك : أن الوقف على قوله تعالى : { كانوا قليلا } أي أن المحسنين كانوا قليلا . ثم ابتدئ فقيل { من الليل ما يهجعون } . و ) ما ) نافية . أي لا يهجعون .

قال ابن كثير : هذا القول فيه بعد وتعسف .

/ لطيفة :

في هذه الجملة الكريمة مبالغات في وصف هؤلاء بقلة النوم ، وترك الاستراحة . وذلك ذكر القليل ، والليل الذي هو وقت النوم ، والهجوع الذي هو الخفيف من النوم ، وزيادة ( ما ) لأنها تدل على القلة . وبالجملة ، ففي الآية استحباب قيام الليل ، وذم نومه كله . والأحاديث على ذلك كثيرة شهيرة


[6780]:انظر الصفحة رقم 196 من الجزء السادس والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).