محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا} (3)

ولما كان تمام المنة بهما بهبة العقل أشار إليه بقوله سبحانه : { إنا هديناه السبيل } أي سبيل الخير والشر والنجاة والهلاك ، أي عرفناه وبينا له ذلك ، بأدلة العقل والسمع { إما شاكرا } أي بالاهتداء والأخذ فيه { وإما كفورا } أي بالإعراض عنه ونصبهما ب ( يكون ) مقدرة أي ليكون إما شاكرا وإما كفورا أي ليتميز شكره من كفره وطاعته من معصيته كقوله{[7288]} { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } .

قال الرازي قال القفال ومجاز هذه الكلمة على هذا التاويل قول القائل قد نصحت لك ، إن شئت فاقبل وإن شئت فاترك ، أي فإن شئت فتحذف الفاء فكذا المعنى { إنا هديناه السبيل } فإما شاكرا وإما كفورا ، فتحذف الفاء وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد أي إنا هديناه السبيل فإن شاء فليكفر وإن شاء فليشكر فإنا أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا كقوله{[7289]} { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } انتهى .

لطيفة : قال في ( النهر ) لما كان الشكر قل من يتصف به قال { شاكرا } ولما كان الكفر كثيرا من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر قال { كفورا } بصيغة المبالغة انتهى .

وهذا ألطف من القول بمراعاة رؤوس الآي .


[7288]:67/ الملك/ 2.
[7289]:18/ الكهف/ 29.