تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

روضات الجنات : أطيبُ بقاعها وأجملها .

وترى يوم القيامة الظالمين خائفين أشدّ الخوف مما كسَبوا من السيئات ، فالعذاب واقعٌ بهم . وفي المقابل ترى الذين آمنوا وعملوا الصالحات متمتعين في أطيبِ بقاع الجنّات ، لهم ما يتمنّون من النعيم عند ربهم .

{ ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير }

ذلك هو الجزاء العظيم الذي أعطاهم إياه ربهم ، وهو الذي يفوق كل كرامة في الدنيا .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

شرح الكلمات :

{ ترى الظالمين مشفقين مما } : أي ترى أيها المرء الظالمين يوم القيامة خائفين من جزاء { كسبوا } ما عملوا .

{ وهو واقع بهم } : أي وهو أي جزاء ما كسبوا من الباطل والشرك نازل بهم معذبون به لا محالة .

{ وهو واقع بهم } : أي وهو أي جزاء ما كسبوا من الباطل والشرك نازل بهم معذبون به لا محالة .

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات } : آمنوا بالله ولقائه وآياته ورسوله وأدوا الفرائض واجتنبوا المحارم .

{ في روضات الجنات } : أي هم في روضات الجنات ، والروضة في الجنة أنزه مكان فيها .

{ لهم ما يشاءون عند ربهم } : أي لهم فيها ما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم في جوار ربهم .

المعنى :

يقول تعالى لرسوله ترى الظالمين يوم القيامة مشفقين أي خائفين مما كسبوا أي من جزاء ما كسبوا من الشرك والمعاصي ، وهو أي العذاب واقع بهم نازل عليهم لا محالة وقوله : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير } أي في الوقت الذي يكون فيه الظالمون مشفقين مما كسبوا يكون الذين آمنوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وعملوا الصالحات من الفرائض والنوافل بعد اجتناب الشرك والكبائر في روضات الجنات وهي أنزلها وأحسنها لهم ما يشاءون من النعيم مما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين كل ذلك في جوار رب كريم وقوله { ذلك هو الفضل الكبير } أي ذاك الذي أخبر تعالى به أنهم فيه من روضات الجنات وغيره هو الفضل الكبير الذي تفضل الله تعالى عليهم به .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

قوله تعالى : " ترى الظالمين مشفقين " أي خائفين " مما كسبوا " أي من جزاء ما كسبوا . والظالمون ها هنا الكافرون ، بدليل التقسيم بين المؤمن والكافر . " وهو واقع بهم " أي نازل بهم . " والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات " الروضة : الموضع النَّزِه الكثير الخضرة . وقد مضى في " الروم " {[13496]} . " لهم ما يشاؤون عند ربهم " أي من النعيم والثواب الجزيل . " ذلك هو الفضل الكبير " أي لا يوصف ولا تهتدي العقول إلى كنه صفته ؛ لأن الحق إذا قال كبير فمن ذا الذي يقدر قدره .


[13496]:راجع ج 14 ص 11.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

ولما علم من هذا السياق كما ترى أنه لا بد من الفصل ، وأن الفصل لا يكون إلا يوم القيامة ، قال شارحاً للفصل بين الفريقين في ذلك اليوم مقبلاً على خطاب أعلى الخلق إشارة إلى أن هذا لا يفهمه حق الفهم ويوقن به حق الإيقان غيره صلى الله عليه وسلم ، أو يكون المراد كل من يصح أن يخاطب إشارة إلى أن الأمر في الوضوح بحيث لا يختص به أحد دون أحد فقال : { ترى } أي في ذلك اليوم الذي لا يشك فيه عاقل لما له من الأدلة الفطرية الأولية والعقلية والنقلية { الظالمين } أي الواضعين الأشياء في غير مواضعها { مشفقين } أي خائفين أشد الخوف كما هو حال من يحاسبه من هو أعلى منه وهو مقصر . ولما كان الكلام في الذين ظلمهم صفة راسخة لهم ، كان من المعلوم أن كل عملهم عليهم ، فلذلك عبر بفعل الكسب مجرداً فقال : { مما كسبوا } أي عملوا معتقدين لأنه غاية ما ينفعهم { وهو } أي جزاؤه ووباله الذي هو من جنسه حتى كأنه هو { واقع بهم } لا محالة من غير أن يزيدهم خوفهم إلا عذاباً في غمرات النيران ، ذلك هو الخسران المبين ، ذلك الذي ينذر به الذين ظلموا { والذين آمنوا } يصح أن يكون معطوفاً على مفعول { ترى } وأن يكون معطوفاً على جميع الجملة فيكون مبتدأ { وعملوا الصالحات } وهي التي أذن الله فيها غير خائفين مما كسبوا لأنهم مأذون لهم في فعله وهو مغفور لهم ما فرطوا فيه { في روضات الجنات } أي في الدنيا بما يلذذهم الله به من لذائد الأقوال والأعمال والمعارف والأحوال ، وفي الآخرة حقيقة بلا زوال { لهم ما يشاؤون } أي دائماً أبداً كائن ذلك لكونه في غاية الحفظ والتربية والتنبيه على مثل هذا الحفظ لفت إلى صفة الإحسان ، فقال : { عند ربهم } أي الذي لم يوصلهم إلى هذا الثواب العظيم إلا حسن تربيته لهم ، ولطف بره بهم على حسب ما رباهم .

ولما ذكر ما لهم من الجزاء عظمه فقال : { ذلك } أي الجزاء العظيم الرتبة الجليل القدر { هو } لا غيره { الفضل } أي الذي هو أهل لأن يكون فاضلاً عن كفاية صاحبه ، ولو بالغ في الإنفاق { الكبير * } الذي ملأ جميع جهات الحاجة وصغر عنده كل ما ناله غيرهم من هذا الحطام ، فالآية كما ترى من الاحتباك : أثبت الإشفاق أولاً دليلاً على حذف الأمن ثانياً ، والجنات ثانياً دليلاً على حذف النيران أولاً .