فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

{ تَرَى الظَّالِمِينَ } خطاب لكل من تتأتى منه الرؤية { مُشْفِقِينَ } أي خائفين وجلين { مِمَّا كَسَبُوا } من السيئات وذلك الخوف والوجل يوم القيامة { وَهُوَ } الضمير راجع إلى ما كسبوا بتقدير مضاف ، قاله الزجاج ، أي وجزاء ما كسبوا { وَاقِعٌ بِهِمْ } نازل عليهم لا محالة أشفقوا أو لم يشفقوا ، والجملة حالية ، ولما ذكر الله سبحانه حال الظالمين ذكر حال المؤمنين فقال :

{ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } مبتدأ وخبره { فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ } جمع روضة قال أبو حيان : اللغة الكثيرة تسكين الواو ، ولغة هذيل فتحها والروضة الموضع النزه الكثير الخضرة ، وقد مضى بيان هذا في سورة الروم وروضة الجنة أطيب مساكنها كما أنها في الدنيا أحسن أمكنتها ، وفيه تنبيه على أن عصاة المسلمين من أهل الجنة لأنه خص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأنهم في روضات الجنات وهي البقاع الشريفة من الجنة ، والبقاع التي دون تلك الأوصاف لابد وأن تكون مخصوصة بمن كان دون الذين آمنوا وعملوا الصالحات .

{ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ } {[1469]} أو للاستقرار العامل في لهم ، والعندية مجاز أو حقيقة { ذَلِكَ } أي ما ذكر للمؤمنين { هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } الذي لا يوصف ولا تهتدي العقول إلى كنه صفته ، ومعرفة حقيقته ، لأن الحق إذا قال كبير فمن ذا الذي يقدر قدره .


[1469]:سقط من الأصل {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} من صنوف النعيم وأنواع المستلذات، وعند، ظرف ليشاؤون.